جرائم التعدي‮ ‬على الممتلكات الثقافية

AP
AP

الثقافة في اللغة العربية من الفعل ثقف – ثقفاً اي صار حاذقاً فطناً . ويقال ثقف الشيء : اقام المعوج منه وسواه . وثقف الانسان : ادبه وهذبه وعلمه .

والثقافة هي العلوم والمعارف والفنون التي تطلب الحذق فيها (المعجم الوسيط – الجزء الاول – مجمع اللغة العربية – دار احياء التراث العربي – بيروت) ومثلما استقر الفكر الاممي على ان للانسان حقوقاً ثقافية الى جانب حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية ، فانه استقر كذلك على ان لكل شعب ولكل امة في العالم هوية ثقافية متميزة ، وتراثاً ثقافياً خاصاً ، وممتلكات ثقافية هي جزء من كيان البلاد ومن مكونات شخصيتها المستقلة ، تجسد عبقريتها وتمثل ثمرة نتاج ابنائها المادي والمعنوي على امتداد التاريخ الانساني .

والتعريف المعتمد عالمياً للممتلكات الثقافية ينصرف الى (الممتلكات التي تقرر كل دولة لاعتبارات دينية او علمانية ، اهميتها لعلم الاثار ، او ما قبل التاريخ ، او الاداب او العلم او الفن التي تدخل في احدى الفئات التالية :-

  • المجموعات والنماذج النادرة من مملكتي الحيوان والنبات ، ومن المعادن او علم التشريح والقطع الهامة لصلتها بعلم الحفريات (البالينتولوجيا) .
  • الممتلكات المتعلقة بالتاريخ ، بما فيه تاريخ العلوم والتكنولوجيا ، والتاريخ الحربي والتاريخ الاجتماعي ، وحياة الزعماء والمفكرين والعلماء والفنانين الوطنيين والحوادث الهامة التي مرت بالبلاد .
  • نتائج الحفريات الاثرية (القانونية وغير القانونية) والاكتشافات الاثرية .
  • القطع التي كانت تشكل جزءاً من اثار فنية او تاريخية مبتورة من مواقع اثرية
  • الاثار التي مضى عليها اكثر من مئة عام ، كالنقوش والعملات والاختام المحفورة .
  • الاشياء ذات الاهمية الاتنولوجية .
  • الممتلكات ذات الاهمية الفنية ومنها :-
  • الصور واللوحات والرسوم المصنوعة باليد كلياً ، اياً كانت المواد التي رسمت عليها او استخدمت في رسمها باستثناء الرسوم الصناعية والمصنوعات المزخرفة باليد .
  • التماثيل والمنحوتات الاصلية ، اياً كانت المواد التي استخدمت في صنعها
  • الصور الاصلية المنقوشة او المرسومة او المطبوعة على الحجر .
  • المجمعات او المركبات الاصلية ، اياً كانت المواد التي صنعت منها .
  • المخطوطات النادرة والكتب المطبوعة في عهد الطباعة الاول ، والكتب والوثائق والمطبوعات القديمة ذات الاهمية الخاصة (من النواحي التاريخية او الفنية او العلمية او الادبية او الدينية …. الخ).
  • طوابع البريد والمطبوعات المالية وما يماثلها ، منفردة او في مجموعات .
  • المحفوظات ، بما فيها المحفوظات الصوتية والفوتوغرافية والسينمائية .

((علي خليل اسماعيل – حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي – رسالة ماجستير – كلية القانون – جامعة بغداد – 1997 – صفحة 5 – .(6)

وفي عام 1978 وعلى صفحات مجلة (رسالة اليونسكو) وجه السيد احمد مختار أمبو – المدير العام الاسبق لليونسكو – نداءاً عالمياً لاعادة التراث الثقافي الى اصحابه الذين ابدعوه ، ورد فيه (اليوم تقوم منافسة حادة تزكيها الاسعار التي تقدر في سوق الاعمال الفنية ، وتدفع المهربين واللصوص الى استغلال جهل الناس ، وممارسة اعمالهم الاجرامية ، وثمة قراصنة حديثون يتمتعون بامكانيات هائلة ويستخدمون الاساليب التقنية في اعمالهم الاجرامية فيسرقون المواقع الاثرية التي استطاع العلماء بالكاد ان يكشفوا النقاب عنها في افريقيا وامريكا اللاتينية واسيا وحتى اوربا) . ((مجلة رسالة اليونسكو – العدد 206 / 1978 – صفــــــحة 4  و(5).

وبذلك يتضح ان جرائم التعدي على الممتلكات الثقافية اضحت احدى اصناف الجرائم المنظمة عابرة الحدود لذلك سنبحث في هذه الدراسة وبايجاز ما يلي :-

اولاً // الحماية الدولية للملكية الثقافية .

ثانياً // التعاون العربي لحماية الملكية الثقافية الخاصة بالبلاد العربية .

ثالثاً // الجهود الوطنية لحماية الممتلكات الثقافية العراقية .

اولاً // الحماية الدولية للممتلكات الثقافية

بعد الحرب العالمية الثانية ادرك مفكرو العالم ان سوء الفهم المتبادل بين الشعوب غالباً ما يخلق العداوات ويؤدي الى الحروب بينما يؤدي الحوار الفكري والتبادل الثقافي والتعاون العلمي والفني والادبي بين الشعوب الى التضامن الانساني والسلام العالمي . لذلك انشئت المنظمة العالمية للثقافة والعلم والتربية لتسهم بتوطيد وتشجيع التعاون العلمي والثقافي بين الامم منعاً للعداوات المؤدية الى الحروب . وكان الامام علي بن ابي طالب عليه السلام قد سبق مفكرو العالم باكثر من الف سنة عندما قال (الناس اعداء ما جهلوا) وهذا يعني ان الجهل بحقائق الاشياء غالباً ما يخلق العداوات بين الاشخاص . لان الجهل عند علماء الكلام  يعني الاعتقاد بشيء على خلاف حقيقية . ومن اجل ان يسهم المجتمع الدولي بتعزيز العلاقات الثقافية بين مختلف الدول فقد اصدر اتفاقيات دولية لحماية الممتلكات الثقافية ، كما انشأ منظمات دولية متفرغة لحماية تلك الممتلكات الثقافية واعتمد وسائل علمية وعملية بهذا الشأن .

فمن الاتفاقيات الدولية التي صدرت لحماية الممتلكات الثقافية :-

  • اتفاقية باريس بشأن الملكية الصناعية الصادرة سنة 1883م .
  • اتفاقية برن بشأن حماية المصنفات الادبية والفنية الصادرة عام 1886م .
  • اتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات الصادرة سنة 1891م .
  • اتفاق استراسبورغ بشأن التصنيف الدولي لبراءات الاختراع لسنة 1971 .
  • اتفاقية رويرش الذي وقعته الدول الاميركية عام 1935 لحماية المؤسسات والممتلكات الثقافية .
  • اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح الصادرة عام 1954 .
  • اتفاقية حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح الصادرة عام 1970 .
  • اتفاقية صيانة التراث العالمي الثقافي والطبيعي الصادرة عام 1972 .

اما المنظمات الدولية المعنية بحماية الممتلكات الثقافية فمنها:-            •المنظمة العالمية للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) – باريس.

  • المنظمة الاسلامية للتربية والعلم والثقافة (السيسكو) – الرباط.           •           المنظمة العربية للتربية والعلم والثقافة (اليسكو) – القاهرة .
  • منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) .
  • المجلس الدولي للاثار والمواقع Icomos .
  • اللجنة الدولية للمتاحف Icom .
  • قسم منع الجريمة في الامم المتحدة .
  • اتحاد تجار التحف الدولي .

والذي يهمنا في هذه الدراسة وبقدر تعلق الامر بالكفاح ضد جرائم التعدي على الممتلكات الثقافية ان نشير الى جهود منظمة الشرطة الجنائية الدولية ومنظمة اليونسكو في مكافحة تلك الجرائم وتنظيم التعاون في هذا الكفاح …. حيث قامت اليونسكو بالجهود التالية :-

  • سنة 1957 باشرت باعداد دراسة ووضع خطة عالمية من شأنها درء خطر سرقة التحف الفنية ووضع الحلول المركبة التي تجمع بين جهد العامل البشري والوسائل الالية الفنية .
  • في عام 1962 كرس المؤتمر العام السادس للمجلس الدولي للمتاحف الذي عقد في لاهاي جهوده لبحث مشكلة سرقة التحف الفنية واجراءات حماية امن المتاحف وعموم الممتلكات الثقافية ، في ضوء نتائج دراسة الانتربول . (مجلة رسالة اليونسكو – انذار عن قراصنة الفن – العدد  54 /.( 1965
  • في عام 1968 عقدت اليونسكو مؤتمرها السابع والثلاثين في طهران خلال الفترة من 1- 8 تشرين الاول / 1968  ونوقشت فيه دراسة قدمها الوفد الفرنسي عن (حماية نقل التحف الفنية والاشياء النفيسة) مؤكداً على القواعد التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار في اجراءات نقل التحف والاثار الفنية من متحف دولة ما الى اماكن اقامة معارض لتلك الاثار والتحف في دولة اخرى ، في سياق التعاون الثقافي الدولي … وبما يحمي امن تلك التحف والاثار من الاضرار التي قد تصيبها بسبب الاهمال او الجرائم العمدية .

((المكتب الدولي العربي لشرطة الجنائية – دمشق – الابحاث والمواضيع التي طرحت في مؤتمر الانتربول الذي عقد في طهران بتاريخ 1/10/1968  الصفحات .(37-34)

  • قيام المنظمة اعلاه (اليونسكو) باخطار المكاتب الفرعية في الدول الاعضاء عن الحوادث التي تبلغ بها ، والتي تتعلق بالممتلكات الثقافية في اية دولة عضو ، لغرض التعاون من اجل ضبط المجرمين واعادة الممتلكات الثقافية المسروقة الى اصحابها الاصليين .
  • في عام  1971 اصدرت الجمعية العامة للانتربول نداء الى جميع دول العالم الاعضاء في المنظمة ان تبذل كل الجهود الممكنة لتسهيل اعادة اية تحفة فنية يعثر عليها في احدى البلدان الى البلد الاصلي لهذه التحفة ، حين يكون مصدر هذه التحفة تدليسي …. والالحاح على كل الدوائر القومية والمؤسسية المكلفة بالحفاظ على الثروات الثقافية كالمتاحف الا يشتروا مثل هذه التحف قبل التأكد مسبقاً من مصدرها .

((أ . بومدين بورويغه – مساهمة الانتربول في مكافحة سرقة التحف الفنية – المجلة الدولية للشرطة الجنائية – الطبعة العربية – العدد  395 / شباط / 1986 – صفحة (37). اما عن اهم الوسائل الدولية لحماية الممتلكات الثقافية فهي :-

  • ابرام اتفاقيات دولية جماعية او ثنائية لحماية الممتلكات الثقافية .
  • تاسيس منظمات دولية او هيئات حكومية او غير حكومية متخصصة لحماية الممتلكات الثقافية .        •           عقد المؤتمرات او الندوات العلمية العالمية او الاقليمية او الوطنية لتبادل الخبرات والمعلومات لحماية الممتلكات الثقافية .
  • الالتزام بحماية الممتلكات الثقافية في مختلف دول العالم بوصفها تراث انساني يهم الانسانية جمعاء .
  • تسهيل الاتصالات الفورية بين الجهات الوطنية المسؤولة عن حماية الممتلكات الثقافية والجهات الدولية في مكافحة جرائم التعدي على الممتلكات الثقافية .
  • استثمار وسائل الاعلام الدولي لاشاعة الوعي الشعبي باهمية الاثار وعموم الممتلكات الثقافية وضرورة المحافظة عليها وحمايتها من شتى المساس بامنها .
  • تشجيع الوسائل السلمية في فض المنازعات بين الدول المتصلة بالممتلكات الثقافية على وفق احكام المواثيق الدولية .
  • تبادل الخبرات بالمسائل الاجرائية والتحوطات الامنية لحماية المتاحف في ضوء تجارب مختلف الدول .
  • السعي لتوحيد القواعد العامة لحماية الممتلكات الثقافية في التشريعات الخاصة بتلك الممتلكات …. ومن تلك القواعد اجراءات الضبط والتحقيق بالجرائم الماسة بامن الممتلكات الثقافية .
  • عد الجرائم الماسة بامن الممتلكات الثقافية في الجرائم التي يجوز فيها تبادل تسليم المجرمين باجراءات ميسرة .

ثانياً // التعاون العربي في حماية الممتلكات الثقافية

تؤكد الدراسات التاريخية ان من القيم المتوارثة في العراق القديم العناية الخاصة بالمعابد التي كانت تمارس نشر الثقافة السائدة في العصور القديمة وكان التجاوز على ممتلكاتها او الاعتداء على القائمين على ادارتها من اخطر الجرائم المنصوص عليها في قانون حمورابي  (الدكتور فوزي رشيد – الشرائع العراقــــــية القديمة – دار الرشيد للنشر – بغداد – 1979 – صفحة (120- 119

واهتم العراقيون القدماء بالمكتبات وتنظيمها وفهرستها . وكان الملك اشور بانيبال يرسل مبعوثيه الى بعض المدن السومرية والبابلية ليجلبوا الى مكتبته كل ما هو مفيد من نصوص قديمة لكي يغني بها مكتبته في العاصمة نينوى . وخلف البابليون نوعاً من المدونات التاريخية التي تعرف بكتب الاخبار ، وهي تتضمن احداثاً تاريخية مهمة متسلسلة زمنياً عام بعد عام .

(الدكتور جعفر عباس شويله والدكتور حسين احمد سلمان – اهم المظاهر الحضارية في تاريخ العراق القديم – فصل من تاريخ العراق قديمة وحديثة – بغداد – 1998 – صفحة 54 وما بعدها) . وعندما ظهر الاسلام العظيم برسالته الخالدة وانتشر بعقيدته الايمانية حرص على احترام الثقافة العلمية والفنية والادبية الموروثة وحافظ على اثارها الباقية التزاماً بنهجه الحضاري في احترام الكرامة الانسانية ، وحرية العقيدة والتسامح ، وحسن المعاملة ، والوفاء بالعهد والمودة ومنع الفساد ، واقامة العدالة والمساواة ، ونبذ الفرقة ومحاربة التمييز العنصري .  (الاستاذ الشيخ محمد ابو زهرة – العلاقات الدولية في الاسلام – الدار القومية للطباعة والنشر – القاهرة  (1964

وكان رسول الله محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين (رض) حريصون على احترام عقائد اعدائهم ، والالتزام بالمعاهدات معهم باحترام معابدهم التي كانت تحتوي على اعز ممتلكاتهم المادية والثقافية .

فورد في معاهدة رسول الله (ص) مع نصارى نجران (ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد رسول الله على اموالهم وانفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت ايديهم من قليل او كثير …. لا يغير اسقف من اسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته وليس عليهم دنية ولا دم جاهلية ……الخ) . (الدكتور خالد رشيد الجميلي – احكام الاحلاف والمعاهدات في الشريعة الاسلامية والقانون – بغداد – دار الحرية للطباعة والنشر – 1987 – صفحة .(80

لذلك لم يكن غريباً ان تصدر في عهد الدولة العثمانية قوانين تحترم وتحمي حقوق المؤلف والمخترع ، وتحمي الاثار والمتاحف وتصون المخطوطات والمحفوظات ومنها قانون حق التأليف العثماني ، قانون الاثار ، قانون براءة الاختراع العثماني .

وبعد سقوط الدولة العثمانية وقيام دول عربية مستقلة حرصت اما على استمرار العمل بالقوانين العثمانية او اصدار قوانين وطنية جديدة بدلها

ففي العراق بقى قانون حق التأليف العثماني حتى صدر قانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 …. واستمر نفاذ قانون براءة الاختراع العثماني حتى صدر بدله قانون براءة الاختراع رقم 61 لسنة 1935 ثم اعقبه القانون الحالي ، قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية رقم 65 لسنة 1970 المعدل بالقانون رقم 28 لسنة 1999 . كما صدر في العراق قانون العلامات الفارقة الذي حل محله قانون العلامات والبيانات التجارية رقم 21 لسنة 1957 …..

وبعد قيام جامعة الدول العربية ابرمت سنة 1945 بين دول الجامعة اول معاهدة ثقافية …. وفي سنة 1964 صادقت دول الجامعة العربية على ميثاق الوحدة الثقافية العربية. ونالت قضية حماية الاثار العربية اهمية متميزة حيث عقد اول مؤتمر للمختصين العرب بشؤون حماية الاثار في دمشق عام 1947 … كما حقق انشاء المنظمة العربية للعلم والتربية والثقافة قفزة نوعية في تصعيد التعاون الثقافي العربي وبخاصة بعد انتظام اجتماعات دورية لمجلس وزراء الثقافة العرب ولتحقيق تعاون امني عربي في مجال حماية الممتلكات الثقافية في البلاد العربية عقد مؤتمر امني بالاردن في 15 – 17 / ايلول / 1987 بحث موضوع ((الجرائم الواقعة على الممتلكات الثقافية)) لغرض المساهمة في تصعيد دور الشرطة في مكافحة هذه الجرائم ، وتطوير التعاون العربي في هذا المجال .

وبصدد دور الشرطة في حماية الاثار اصدر المؤتمر المذكور توصيات حث بها الدول العربية على ما يلي :-

  • دراسة المواقع الاثارية والمتاحف وتحديد الاحتياجات والتدابير الفعلية والحراسات الامنية اللازمة لها ، وطبيعة الحراسة الملائمة لحمايتها .
  • اناطة حراسة وحماية المواقع الاثارية والمتاحف باجهزة الشرطة والامن مع مراعاة توفر المؤهلات اللازمة في العناصر التي يتم اختيارها للقيام بهذه المهام في الدول التي تأخذ بهذه القاعدة .

(مجلة الامن والحياة – الرياض – مؤتمر قادة الشرطة والامن العرب بعمان – العدد 64 / 1987 – الصفحات 10 – .(24

وتعتبر الندوة العلمية التي نظمها المركز العربي للدراسات الامنية والتدريب (جامعة نايف العربية للعلوم الامنية) في صنعاء باليمن خلال الفترة من 4-6/10/ 1988 حول (حماية الاثار والاعمال الفنية) من اهم الندوات العربية المتخصصة بالموضوع ، حيث نوقشت فيها مجموعة دراسات قدمها خبراء متخصصون اهمها:-

  • موقف الشريعة الاسلامية من حماية الاثار والاعمال الفنية .
  • التخطيط العلمي لتوجيه العمل الاثري ودوره في حماية الاثار            •           تنشيط دور وسائل الاعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية في تنمية الوعي الاثري .
  • تطوير تشريعات الاثار في الدول العربية والعمل على توحيدها .         •           تصعيد الوسائل الامنية لحماية الاثار والاعمال الفنية .

(المركز العربي للدراسات الامنية والتدريب – الرياض – 1992 – ابحاث الندوة العلمية المنعقدة في صنعاء 1988 عن (حماية الاثار والاعمال الفنية))

وثبت باكثر من دليل ان الكيان الصهيوني انتهك المواثيق الدولية في الاعتداء على المواقع الاثرية والمباني التاريخية في الاراضي العربية المحتلة وخاصة في مدينة القدس كما ان الكيان المذكور مارس اعمال سرقة لحقوق المؤلفين العرب من الادباء والفنانين وامتدت سرقاتهم الى ملايين الاغاني العربية . وهذه الحقيقة نالت اهتمام اتحاد المحامين العرب الذي ناقشوا في مؤتمرهم التاسع عشر المنعقد في تونس عام 1997 موضوع (السطو الصهيوني على الانتاج الذهني العربي) ودعوا في توصياتهم الى (تنظيم حملة دولية لحماية الانتاج الادبي والفني للكتاب والفنانين العرب من السطو الصهيوني المستمر عليها ، ومنع انتهاك حقوق الملكية الفكرية لهم في كافة مجالات الابداع الثقافي) .

(مجلة القضاء – نقابة المحامين – بغداد – العدد الصادر عام 1997 صفحة  (156 .

ثالثاً // الجهود الوطنية لحماية الممتلكات الثقافية العراقية

يمكن ايضاح اهم معالم الاستراتيجية العراقية لحماية الممتلكات الثقافية بما يلي :-

  • العناية باصدار تشريعات عراقية خاصة بحماية الممتلكات الثقافية العراقية .. واهمها :-
  • تجريم كل صور التعدي على الاثار سواء في قانون العقوبات البغدادي الصادر سنة 1918 او في بيان الكمارك البحرية لسنة 1918 الذي منع تصدير الاثار وكذلك عندما صدر اول قانون لتنظيم التعامل بالاثار باسم قانون منع تهريب الاثار رقم 40 لسنة 1926 وقبله قانون الاثار القديمة لسنة 1924 ثم حل محله قانون الاثار رقم 59 لسنة 1936 … ثم الغيت جميع تلك القوانين عندما صدر قانون الاثار والتراث الحالي رقم 55 لسنة 2002 . •            العناية بحماية حقوق التأليف اعتباراً من احكام قانون حماية حق التأليف العثماني وانتهاء بقانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 النافذ حالياً             •           الاهتمام بحقوق اصحاب العلامات التجارية بموجب قانون العلامات والبيانات التجارية النافذ حالياً رقم 21 لسنة 1957 .
  • الاهتمام بحماية حقوق الاختراع والنماذج الصناعية النافذ حالياً رقم 56 لسنة 1970 .
  • بموجب القرار التشريعي رقم 76 لسنة 1994 اصبحت عقوبة التهريب الكمركي هي السجن المؤبد او المؤقت . وتكون العقوبة الاعدام اذا كان التهرب واقفاً على لقى اثارية او بحجم كبير يلحق ضرراً تاريخياً او مادياً      •           بموجب القرار التشريعي رقم 81 لسنة 1994 يعاقب كل من قام بالزراعة او السكن او اقامة البناء او المحدثات الاخرى على المواقع التي تعد اماكن او اراضي الاثار واحدث بها ضرراً تاريخياً او مادياً ، وذلك بالحبس مدة لا تقل عن سنة مع الزامه بدفع تعويض يساوي ضعف قيمة الضرر المادي والمعنوي الذي يحدثه ، يستحصل من امواله نقداً دفعة واحدة او ببيع املاكه في المزاد العلني .
  • اصدرت وزارة الثقافة والاعلام تعليمات برقم 3 لسنة 1995 سميت بـ (تعليمات تنظيم تداول بيع التحف والمواد التراثية) وضعت شروط دقيقة لمنح اجازة محل بيع التحف والمواد الاثرية والسجل الواجب مسكه لتوثيق نشاطاته اليومية .
  • العناية بتشريعات خاصة بالمكتبات العامة لحماية موجوداتها من المصنفات الادبية والعلمية والفنية . ومن تلك التشريعات :-
  • نظام المكتبات رقم 1 لسنة 1996 لادارة المكتبات العامة
  • تعليمات وزارة التعليم العالي رقم 92 لسنة 1995 لادارة المكتبات الجامعية .
  • تعليمات وزارة الثقافة والاعلام رقم 4 لسنة 1992 بشأن تقويم وشراء المكتبات الشخصية . (عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي – المكتبات العامة ثروة جديرة بالعناية – جريدة الثورة – بغداد – 12/7/1999) .
  • انشاء ورعاية وتطوير  مؤسسات عراقية مختصة لحماية الممتلكات الثقافية منها على وجه الخصوص :-
  • دائرة الاثار والتراث .
  • دائرة السينما والمسرح المسؤولة عن تنفيذ قانون الفرق التمثيلية والفنية ، وقانون الرقابة على المصنفات والافلام السينمائية .
  • دائرة الرقابة المسؤولة عن تنفيذ قانون المطبوعات وقانون المطابع الاهلية …الخ .
  • دائرة الشؤون الثقافية المسؤولة عن تنفيذ قانون الايداع .
  • دار الكتب والوثائق والمحفوظات والمكتبة الوطنية المركزية.            •           وزارة التربية من خلال مشاركتها في اجتماعات ومؤتمرات المنظمة العالمية للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وكذلك المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلم (السيسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلم .
  • وزارة الداخلية بحكم مسؤوليتها عن حماية الاموال العامة والخاصة ومنع ارتكاب الجرائم الماسة بأمن الممتلكات الثقافية …. وقد تم استحداث مديرية قسم في كل مديرية شرطة محافظة لحماية امن الاثار في المحافظة في سنة 1998 .
  • دوائر الاوقاف بحكم مسؤوليتها عن ادارة مراقد الائمة من ال بيت رسول الله عليهم السلام والصحابة الكرام وكذلك عموم الجوامع والحسينيات وما تحتويه من اثار وتحف فنية ومخطوطات ومؤلفات نادرة .
  • الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية بحكم مسؤولياه عن براءات الاختراع والنماذج الصناعية التي هي جزء من الملكية الفكرية والتي هي بدورها جزء من الممتلكات الثقافية في كل دولة .
  • تطوير الاسهام الشعبي في حماية الممتلكات الثقافية وذلك من خلال :-
  • منح مجالس الشعب المحلية سلطات واسعة في تقديم المقترحات بادامة الجوامع والمساجد والعتبات المقدسة والمواقع الدينية والكنائس وعموم دور العبادة والمقابر . واقتراح انشاء وتجهيز المكتبات العامة والقاعات العامة ومعارض الفنون التشكيلية والمسارح . واقتراح اساليب العناية بالاثار والدور التراثية .
  • تشجيع الجمعيات الاهلية كمنظمات مجتمع مدني لحماية الممتلكات الثقافية .
  • الالزام القانوني بقيام كل من يكتشف اثراً منقولاً او غير منقول باخبار السلطات الادارية .
  • الزام مالكي ومتولي الجوامع والمساجد والحسينيات وعموم دور العبادة لمختلف الاديان باداء واجب الصيانة والترميم للحفاظ على تلك الممتلكات الثقافية المهمة .
  • قيام المثقفين والمهتمين بالدراسات التاريخية بتزويد دائرة الاثار والتراث بما لديهم من وثائق ومعلومات تتعلق بالمباني الاثارية او المواضيع التاريخية في العراق .
  • التزام كل شخص طبيعي او معنوي توجد في حوزته مخطوطات اثرية ان يسجلها لدى دائرة الاثار والتراث وكذلك المخطوطات المستوردة من الخارج والمحافظة عليها .
  • تطوير الوسائل الامنية لحماية الممتلكات الثقافية ومكافحة الجرائم الماسة بامنها وذلك من خلال:-
  • استخدام الوسائل الحديثة في ادارة المتاحف وحراستها والمحافظة على موجوداتها .
  • استحداث شعبة خاصة مرتبطة بالمدير العام لدائرة الاثار والتراث سميت (شعبة مكافحة الاتجار غير المشروع بالاثار) .
  • استحداث قسم شرطة في كل مديرية شرطة محافظة لحراسة المتاحف والمحافظة على المواقع الاثرية ومكافحة الجرائم الماسة بامن الاثار وعموم الممتلكات الثقافية       •           تبادل المعلومات بين دوائر الدولة كافة ودائرة الاثار والتراث فيما يتصل بحماية الاثار وعموم الممتلكات الثقافية العراقية .
  • تكثيف التوعية القانونية والامنية بالجرائم الماسة بالممتلكات الثقافية المعاقب عليها بالقوانين العراقية .

وكنت وما ازال ادعو الى تصعيد العناية الاكاديمية والاعلامية بعموم التشريعات الثقافية والحقوق الثقافية للانسان من خلال تدريس فرع جديد من فروع القانون هو القانون الثقافي . (عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي – القانون الثقافي – مجلة الموقف الثقافي – بغداد – العدد 24/.(1999

كما كنت من اوائل المهتمين بمكافحة الجرائم الماسة بالامن الثقافي في العراق . (عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي – جرائم التعدي على الممتلكات الثقافية – مجلة الموقف الثقافي – بغداد – العدد 33 -. (2001 ومن اوائل الذين سلطوا الضوء على اهمية الوثائق العراقية السرية والعلنية بوصفها التراث المدون للدولة او الشعب او الامة .

(عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي – العناية الدولية والعربية بالوثائق والتوثيق – مجلة الحكمة / العدد 34 / ايلول / .( 2003

وقد سعدت عندما اطلعت على خبر اصدار سماحة اية الله العظمى السيد علي السيستاني فتوى دعا فيها الاشخاص الذين حازوا ملفات حكومية وخاصة تلك التابعة للدوائر الامنية وفيها الكثير من المعلومات الصحيحة وغير الصحيحة الى اعادتها الى جهة حكومية . ويذكر ان وثائق الدولة العراقية تعرضت الى عمليات سلب ونهب وحرق اثر الانفلات الامني الذي اعقب سقوط النظام السابق .

(جريدة الزمان – بغداد – الصفحة الاولى – العدد الصادر يوم  24 شباط 2004     .(

  • السعي المستمر لاستعادة الممتلكات الثقافية العراقية المسروقة بالتعاون بين الحكومة العراقية والمنظمة العالمية للثقافة والعلم والتربية (اليونسكو) وبمساندة شعبية واعلامية عراقية واسعة

بقلم:  عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي

المصدر: الزمان

أضف تعليق